النفط وعوامل التأثير وعمالقة الانتاج
النفط وعوامل التأثير وعمالقة الانتاج
من خلال خبرتنا على مدار سنوات وتجربتنا الفعلية بالمضاربة على العقود النفطية ببورصة روتردام رغبت بأن اقدم لكم بعض المعلومات التي قد تغيب عن الكثير عبر السطور القادمة حيث لا يزال النفط يلعب دورا مهما في الاقتصاد العالمي على الرغم من الجهود المستمرة لتقليل استخدامه وإيجاد مصادر بديلة للطاقة عنه كمصادر الطاقة الخضراء ويعتبر النفط سلعة حساسة جدا لاي تأثيرات بل يعد من أكثر السلع حساسية للظروف الاقتصادية والجيوسياسية والتي تؤثر بشكل مباشر على الأسعار ومثل معظم السلع فإن المحرك الأساسي لسعر النفط هو العرض والطلب في السوق بالإضافة الى عوامل أخرى سأتطرق اليها ضمن المقال وتعتبر تكلفة استخراج النفط وإنتاجه عاملا مهما أيضا في تحديد الأسعار بالإضافة الى منظمة أوبك وأوبك + الذين يتحكمون في كمية انتاج امدادات النفط العالمية وتأثير النفوذ الروسي والعقوبات على إيران والنفط الصخري والتي تكلمت عنها بمقال سابق مفصل ، بالإضافة الى معنويات الأسواق ولمن لا يعرف ما معنى معنويات السوق سأعرفها لكم ببساطة هي الموقف العام للمستثمرين والمتداولين تجاه أي أداة مالية وهو سلوك السوق أو نغمته أو سيكولوجية جمهوره كما يتضح من خلال نشاط وحركة الأسعار اذا كانت صعوديه أم هبوطيه ونضيف الى ذلك وضع الاقتصاد العالمي وقد بينت لنا ازمة الجائحة ذلك بشكل جلي حيث يؤدي النمو الاقتصادي إلى زيادة الطلب على النفط الخام بينما يميل التباطؤ إلى انخفاض الطلب وبالتالي تراجع الأسعار
يعتبر النفط مصدرا مهيمنا للطاقة في جميع أنحاء العالم وتزود شركات النفط مليارات البراميل من المنتجات البترولية يوميا لتشغيل النقل والصناعة ويعتبر سوق وبورصة روتردام أحد اهم هذه الأسواق لتداول الخام في العالم حيث تضم روتردام أكبر ميناء في أوروبا وهناك شركات عملاقة عالميا تعمل بمجال النفط والطاقة عموما واضخمها فخر العرب والمملكة العربية السعودية شركة أرامكو السعودية والتي تعد أكبر شركة نفط وغاز متكاملة في العالم بالإضافة الى الشركات الامريكية التي تهيمن على القطاع مثل شركة اكسون موبيل التي تستكشف وتنتج النفط الخام والغاز الطبيعي وهي شركة رائدة في قطاع الطاقة والتصنيع الكيميائي فهي تدير منشآت وتسوق منتجات على مستوى العالم وتستكشف النفط والغاز الطبيعي في القارات الست وشيفرون أيضا شركة نفط متكاملة تعمل في استكشاف وإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي وشركة بتروتشاينا الوطنية الصينية المملوكة للدولة وهي أكبر منتج وموزع للنفط والغاز في الصين حيث تساهم بحوالي 50٪ - 60٪ من حجم إنتاج النفط والغاز المحلي في الصين على التوالي وشركة شل والتي لها مواقع في 70 دولة تشارك في استكشاف وإنتاج وتكرير وتسويق النفط والغاز الطبيعي وتصنيع وتسويق المواد الكيميائية وشركة توتال الفرنسية التي تستكشف وتنتج النفط الخام والغاز الطبيعي وتمتلك الشركة وتدير محطات وقود في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وأفريقيا وشركة BP البريطانية التي تعمل في التنقيب عن النفط والبتروكيماويات وإنتاجهما وتوريدهما وشركة ماراثون بتروليوم الامريكية والعديد من الشركات الروسية مثل روسنفت و لوك أويل ولا ننسى الشركات الكندية الرائدة في هذه المجال مثل Cenovus وهي شركة متكاملة للنفط والغاز الطبيعي تعمل في تطوير وإنتاج وتسويق النفط الخام والغاز الطبيعي في كندا والولايات المتحدة وآسيا ودول المحيط الهادئ كما تقوم بتكرير النفط الخام وتنقل وتبيع البترول والمنتجات الكيماوية المكررة وشركة Suncor والتي تركز على تطوير أحواض الموارد البترولية في رمال أثاباسكا النفطية الكندية و إمبريال أويل وغيرها من الشركات المنتشرة حول العالم في الشرق الأوسط وأسيا حيث ما ذكر في السطور أعلاه هي عملاقة الشركات العالمية
ما العلاقة بين أسعار النفط والتضخم؟
يعتبر النفط الخام أحد المدخلات الاقتصادية الرئيسية للعديد من الاقتصادات لذا فإن ارتفاع أسعار النفط يساهم في رفع مستويات التضخم والذي يقيس المعدل الإجمالي لارتفاع الأسعار عبر الاقتصاد ويساهم ارتفاع أسعار النفط في التضخم بشكل مباشر عن طريق زيادة تكلفة المدخلات وتؤثر أسعار النفط بشكل أكبر على أسعار المنتجين ولنأخذ مثال واقعي، في الولايات المتحدة كمثال شكلت الطاقة حوالي 7.3 ٪ من مؤشر أسعار المستهلكين اعتبارا من ديسمبر 2021 . بالإضافة إلى هذا التأثير المباشر على التضخم فإن ارتفاع أسعار النفط يؤدي إلى ارتفاع التضخم بشكل غير مباشر لأن النفط الخام عنصر رئيسي في البتروكيماويات المستخدمة في صناعة البلاستيك لذلك يميل النفط الأكثر تكلفة إلى زيادة أسعار العديد من المنتجات المصنوعة من البلاستيك وبالمثل فإن أسعار المستهلك تؤثر في تكاليف النقل بما في ذلك أسعار الوقود وتبلغ تكلفة النفط ما يقرب من نصف سعر التجزئة للبنزين ،، وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في شهادته نصف السنوية أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الأمريكي في مارس 2022 كقاعدة عامة نعتبر أن كل زيادة قدرها 10 دولارات لبرميل النفط الخام ترفع التضخم بنسبة 0.2٪ وتؤخر النمو الاقتصادي بنسبة 0.1٪ وأشارت دراسة أجراها بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس في سبتمبر 2021 إلى أنه إذا ارتفعت أسعار النفط الخام إلى 100 دولار للبرميل لمدة ثلاثة أشهر قبل أن تتراجع فإن الارتفاع سيعزز معدل التضخم السنوي بمقدار 3 نقاط مئوية على المدى القصير ... وبالإضافة إلى الطلب تشمل العوامل الأخرى التي يمكن أن تسبب ارتفاع أسعار النفط التوترات الجيوسياسية ونقص العرض والقوة الاقتصادية المتزايدة.
ما هي المؤشرات الاقتصادية التي يجب على مستثمري النفط مراقبتها؟
يبحث مستثمرو النفط والغاز عن مؤشرات اقتصادية محددة لمساعدتهم على فهم التحركات المستقبلية في صناعة البترول مثل أي سوق للسلع الأساسية فإن شركات النفط والعقود الآجلة للبترول حساسة لمستويات المخزون والإنتاج والطلب العالمي وسياسات أسعار الفائدة والأرقام الاقتصادية الإجمالية مثل الناتج المحلي الإجمالي وإذا ما فصلنا قليلا بخصوص مخزون النفط: النفط يعتبر مورد مهم اقتصاديا واستراتيجيا للعديد من الدول وتحتفظ دول مثل الولايات المتحدة باحتياطيات كبيرة من النفط الخام لاستخدامها في المستقبل. يعمل قياس احتياطيات النفط هذا كمؤشر للمستثمرين لان التغيرات في مستويات مخزون النفط هي انعكاس لاتجاهات الإنتاج والاستهلاك وتقدم إدارة معلومات الطاقة الامريكية تقديرا أسبوعيا للإمدادات من البترول وهو مهم للمستثمرين وإلى جانب بيان مخزونات النفط الخام تأتي قائمة طويلة من البيانات التي تركز على إنتاج النفط الخام والتي تغطي الإنتاج المحلي ومدخلات المصفاة والاستخدام ومستويات المخزون الأخرى (بنزين المحركات) بالإضافة إلى بيانات الاستيراد / التصدير يتم أخذ كل هذه البيانات في الاعتبار عند محاولة تكوين فكرة عن أساسيات سوق النفط الخام ويهمنا كما قلت بيانات مصافي النفط حيث ان بيانات المصفاة توفر لنا معلومات حول تحديد مقدار السعة المتاحة للحصول على إمدادات إضافية للسوق وإذا كان استخدام المصفاة مرتفعا فسيكون من الصعب ضخ نفط إضافي عبر المصافي مما يؤدي إلى انخفاض العرض وارتفاع الأسعار وبالتحول الى عامل اخر مؤثر وهو الطلب العالمي والأداء الاقتصادي فقد تؤدي التنمية الاقتصادية في الدول ذات الكثافة السكانية العالية مثل الهند والصين إلى زيادة كبيرة في الطلب العالمي على منتجات النفط وعلى النقيض من ذلك تميل الصراعات الاقتصادية والسياسية إلى تقليل الطلب على البترول حيث تقوم الشركات بتقليص عملياتها وتقليل الأسر الفردية من استخدام البنزين لتوفير المال ومن الأمثلة الواضحة على ذلك الركود العظيم في 2007-2009 عندما انخفضت أسعار النفط والغاز بأكثر من 70٪ في أقل من ستة أشهر ولن نتعمق بخصوص الجائحة لأنها استثنائية وكارثية ولأني سبق وان تكلمت عنها مطولا وربطها بهذا الامر في مقالات سابقة .... يمكن للمؤشرات الإجمالية للأداء الاقتصادي العام إطلاع المستثمرين على التحولات المتوقعة في الطلب على النفط وكما هو معروف فأن الناتج المحلي الإجمالي هو مقياس لمستويات الإنفاق والإنتاج الإجمالية لاقتصاد الدول ومن المفترض أن تؤدي الزيادات في الناتج المحلي الإجمالي إلى زيادة الطلب على النفط أما تأثير أسعار الفائدة والضرائب واللوائح فان التغييرات في أسعار الفائدة تؤثر على تكاليف تخزين المخزون ، وتؤثر على الاقتراض والإنفاق لكل من المنتجين والمستهلكين وتغير تكاليف رأس المال وهيكل منتجي البترول فيما يتعلق بالأراضي والمباني والآلات والمعدات وتؤثر السياسات الضريبية الحكومية على أداء الأعمال والربحية وزيادة الضرائب على المنتجات البترولية أو شركات النفط وتقيد الإنتاج وقد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار والعكس صحيح بالنسبة لخفض الضرائب ..... ترقبونا بالمزيد من المقالات الهادفة التي تصب في أناء رفع مستوى المعلومات وثقافة البورصات والتجارة فيها لدى المستثمرين والمتداولين في الشرق الأوسط والذين يغيب عن واقعهم المعلومات الصحيحة وانا متأكد لو انها توفرت لهم بشكل صحيح فأن ذلك سيغير مسار تداولاتهم وارباحهم وفالكم الربح والتوفيق
وسلامتكم
المحلل المالي والتقني
عبد الرحمن الأصفر
Reply