لماذا انهار الجنيه المصري؟ وهل سيواصل انهياره في 2023؟

.

لماذا انهار الجنيه المصري؟ وهل سيواصل انهياره في 2023؟

تصدر انهيار الجنيه المصري عناوين الأخبار، حيث انخفض بأكثر من 13% مسجلاً مستوى منخفض جديد دون 32 مقابل الدولار الأمريكي خلال يوم الأربعاء مع انتقال البنك المركزي إلى سعر صرف أكثر مرونة بموجب شروط حزمة الدعم المالي لصندوق النقد الدولي.

 وأثار انخفاض الجنيه تكهنات بشأن المدى الذي قد تنخفض فيه العملة في نهاية المطاف، حيث يأمل بعض المحللين على الأقل عودة بعض المستثمرين الأجانب إلى السوق المصرية ويبدأ المصريون العاملون في الخارج في إرسال المزيد من مدخراتهم إلى أرض الوطن. فما هي أبعاد تلك الأزمة التي يعاني المصريين وحكومتهم، هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

مصر تلجأ لصندوق النقد الدولي

لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي طلباً للمساعدة بعد أن أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع فواتير القمح والنفط، بالتزامن مع توجيه تلك الحرب ضربة للسياحة من اثنين من أكبر أسواقها -أوكرانيا وروسيا- المصدر الرئيسي للعملة الصعبة. ومنذ بداية تلك الأزمة انخفضت العملة المصرية بنسبة تراكمية 51% مقابل الدولار منذ مارس 2022، مع انخفاضات حادة في أيام واحدة تليها حركة أكثر مرونة منذ الأسبوع الماضي.

وفي خضم الأزمة، قالت مصر إنها ستتحول إلى سعر صرف "مرن بشكل دائم" عندما توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة دعم مالي بقيمة ثلاث مليارات دولار في شهر أكتوبر الماضي. وفي تقرير مقدم إلى صندوق النقد الدولي نشره الصندوق يوم الثلاثاء الماضي، قالت الحكومة إن البنك المركزي المصري قد يتدخل أحياناً في أوقات التقلب المفرط في أسعار الصرف، لكن لن يكون هناك استخدام لصافي الأصول الأجنبية للبنوك لتحقيق الاستقرار في العملة.

 وتعليقاً على ذلك، قال بعض المحللين إن من المؤشرات الرئيسية التي يجب البحث عنها هي استخدام المستثمرون والأسر الدولار لشراء الجنيه المصري بمعدلاته المنخفضة الحالية، مما يشير إلى أنهم يعتقدون أن هبوط العملة ربما وصل إلى منتهاه، ولكن يكون هناك هبوط آخر.

وتلقت مصر الدفعة الثانية من اتفاقية قرض بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي (89.3 مليار جنيه مصري) مع صندوق النقد الدولي بنهاية مارس 2023. ويقدر القسط بنحو 347 مليون دولار أمريكي (10.3 مليار جنيه مصري).

ووافق صندوق النقد الدولي في البداية على البرنامج في إطار تسهيل الصندوق الموسع (EFF) من أجل التخفيف من بعض الأضرار الاقتصادية التي سببتها الحرب الأوكرانية الروسية. وتسبب الصراع في تضخم محلي غير مسبوق في الصناعة المصرية.

وبموجب الاتفاق، سيجري صندوق النقد الدولي مراجعات نصف سنوية على مدار مدة البرنامج ، المحددة في مارس وسبتمبر من كل سنة مالية، وسيوقع على الأقساط وفقًا لذلك. والجدير بالذكر أن ذلك البرنامج يهدف إلى "استعادة الهوامش الوقائية، وتمهيد الطريق لتحقيق نمو مستدام وشامل يقوده القطاع الخاص".

الوضع الاقتصادي في مصر

 

كانت مصر تتعرض بالفعل لضغوط مالية قبل أن تضر الحرب في أوكرانيا بعائدات السياحة، وترفع فواتير استيراد السلع، وتدفع المستثمرين الأجانب إلى سحب أكثر من 20 مليار دولار من الاقتصاد. ولكن بدأ دعم البضائع في الموانئ المصرية بعد أن فرض البنك المركزي قيوداً على الواردات في فبراير 2022. فيما أزالت الحكومة المصرية تلك القيود في الشهر الماضي، وكان المستوردون يطلبون الدولارات للإفراج عن بضائعهم. 

 

وفي إطار بيان لمجلس الوزراء صدر أمس الأربعاء، قال إن سلعا قيمتها 1.5 مليار دولار غادرت الموانئ في الأيام العشرة الأولى من يناير، ليصل إجمالي ما تم الإفراج عنه منذ الأول من ديسمبر كانون الأول إلى 8.5 مليار دولار. ولم يشر البيان إلى حجم التراكم المتبقي.

 

وعلى صعيد آخر، أظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الثلاثاء أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع في ديسمبر إلى 21.3%، وهو أعلى مستوى منذ نهاية 2017، متجاوزًا توقعات المحللين.

معدل الفائدة في مصر

ومن بين العوامل الأخرى التي أدت إلى انهيار العملة المصرية رفع أسعار الفائدة الأمريكية خلال العام الماضي، مما أدى إلى خروج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الأجنبية المستثمرة في أدوات الدين. إذ دفع رفع الفيدرالي لأسعار الفائدة على مدار عام 2022 لترويض التضخم المحتدم المركزي المصري للسير على نهجه، حيث رفع سعر الفائدة 300 نقطة أساس؛ وذلك عملاً على تهدئة ضغوط التضخم، مستهدفًا الوصول بمعدله عند مستوى 7% في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى 5% (±2% نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2026.

 

وفي اجتماع عُقد أكتوبر/ تشرين الأول، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس. وفي اليوم نفسه، انخفضت قيمة العملة المحلية 14.5%، وأعلن البنك المركزي أنه توصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن حزمة دعم مالي بقيمة ثلاث مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي.

 

وعلى الرغم من خفض العملة المحلية، استمرت الفجوة بين سعرها أمام الدولار في الاتساع في السوقين الرسمية والموازية إذ وصل سعر الدولار إلى نحو 24.70 جنيه في البنوك وما يصل إلى أكثر من 36 جنيهاً في السوق السوداء. وبلغ السعر الرسمي للجنيه المصري أمام الدولار 19.7 قبل تخفيض قيمة العملة في أكتوبر.

 

وبدورهم، أكد الاقتصاديون على ضرورة السيطرة على سوق الصرف من خلال طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد لأجل قصير؛ لجذب مدخرات المواطنين، وتدبير احتياطي من النقد الأجنبي؛ لتلبية الطلب على الدولار لوقف المضاربة عليه. وكان قد رفع المركزي المصري على مدار العام الماضي سعر الفائدة 800 نقطة أساس ليصبح سعرا عائدي الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 16.25%، 17.25%، 16.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 16.75%.

ووفقاً للبيان الرسمي الصادر عن المركزي المصري، ستستخدم لجنة السياسة النقدية ستستمر في استخدام كافة أدواتها النقدية من أجل السيطرة على توقعات التضخم واحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب والآثار الثانوية لصدمات العرض التي قد تؤدي إلى انحراف التضخم عن المعدلات المستهدفة له.

وأكدت لجنة السياسة النقدية أن المسار المستقبلي لمعدلات التضخم يعتمد على الزيادات التراكمية لأسعار العائد إلى تاريخه والتي تستغرق وقتاً للتأثير على معدلات التضخم. وتتابع اللجنة عن بدقة التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية وأنها ستستمر في استخدام كافة أدواتها النقدية من أجل السيطرة على توقعات التضخم واحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب والآثار الثانوية لصدمات العرض.

توقعات لأداء الجنيه المصري في 2023

يرى المحلل المالي والتقني "عبد الرحمن الأصفر" أنه لن يكون هناك استقرار مجدداً لعملة الجنيه المصرية، وسنشاهد المزيد من التراجع للجنيه المصري امام الدولار لمستويات 35 - 39 وقد تزيد عن ذلك خلال عام 2023.

 

واستطرد قائلاً: "إن الضغوطات التي يفرضها صندوق النقد الدولي على الاقتصاد المصري ستقود الجنيه إلى المزيد من الانهيارات وكانت بداية ذلك عندما قبل المركزي المصري بشرط الصندوق الدولي الذي ينص على الغاء العمل بالقرار الخاص بوقف التعامل بمستندات التحصيل واعادة تفعيل الاستيراد من خلال الاعتمادات المستندية وكان ذلك لتلبية رغبة صندوق النقد الدولي برؤية تحركات يومية لسعر الصرف في مصر والتحول الى سعر صرف مرن !!".

 والآن بعد أن تحكم صندوق النقد الدولي باقتصاد مصر والسماح له بفرض شروط مدمرة للاقتصاد في مصر أصبحت فاتورة الدولار المقترض من الصندوق هي الضاغطة على عملة الجنيه والمدمرة له  

إلى جانب جميع الاجراءات التي اتخذها المركزي المصري نهاية العام السابق تعتبر اجراءات ضاغطة على الجنيه المصري وستؤدي به للانخفاض امام الدولار ما لم يتم التوقف عنها واهمها تسهيل الاستيراد بالمستندات والخضوع لشروط صندوق النقد الدولي الذي يطمح في اسعار صرف مرنة للجنيه ولا يبالي في زيادة الوبال على العملة المصرية او الاقتصاد المصري ولن يكون هناك حل كما يظن البعض ان استقطاب استثمارات خارجية سيرفع الضغط عن الجنيه فحتى لو تم ذلك فهذا سيكون بمثابة حل مؤقت ولن يطول امره

 

 

أما اقتصادياً ومالياً، يرى الأستاذ "عبد الرحمن" أن الفترة القادمة فترة عصيبة على الجنيه المصري سنشاهد بها استمرار في التراجع وقد نشهد ارقام لم تكن في الحسبان كما ذكرت سابقا. ويرجح أن الحل الوحيد لتعويض خسارة الجنيه امام الدولار الامريكي أو شيئا من هذه الخسارة او حتى وقف الانهيار فقط والتماسك سيكون كل ذلك مرهون بتطبيق قواعد صارمة على الضبط المالي وادارة الدين بطريقة تؤدي الى تراجع الدين العام مقابل الناتج المحلي الاجمالي فقط.

اللهم احفظ مصر دولة وشعبا 

وسلامتكم 

المحلل المالي والتقني 

عبد الرحمن الاصفر

2023-01-12
التعليقات على الموضوع: 36 تعليقات


  • لاستاذ عبد الرحمن الاصفر سيد التحليل والتوقعات

    Reply

  • 👑👑👑👑

    Reply

  • كلام ذهب نشكر الاستاذ عبد الرحمن الاصفر

    Reply

  • عاشت ايدك استاذ

    Reply

  • عاشت الانامل استاذ عبد الرحمن مقال اكثر من رائع

    Reply

  • تحليل واقعي للاسف الوضع في مصر اصبح صعب جدا ربي يحفظ مصر واهلها

    Reply

  • عاش استاذ انت سيد من حلل اسواق المال

    Reply

  • مشكور استاذ كلام من ذهب

    Reply

  • تحليل ممتاز معلمنا الحبيب... نحن فى مصر ...الوضع صعب للغاية ... معاناة لمواطنين صعبة للغاية مع زيادة الأسعار للسلع والخدمات.. ربى ينجينا من هذه المحنة...

    Reply

  • كل الشكر استاذ كلامك من ذهب

    Reply

  • كلام دقيق بوركت جهودك استاذ عبد الرحمن

    Reply

  • كلام جميل و واقعي احسنت استاذ نتمنى منك الستمرار في تحليل الاسوق و نشرها للستفادة منها.

    Reply

  • احسنت استاذ عبد الرحمن تحلیل ممتاز ومنطقي جدا ورآیي انا انه اهم عامل للانهیار هو وثوق اغلب الدول العربیة الی الان بصندوق النقد الدولي الذي یمثل السبب الرئیسي للهیمنه الامریکیة علی هذه الدول

    Reply

  • تحليل وشرح مفصل شكرا.. موفق🌹

    Reply

  • شكراً استاذ عبد الرحمن على هذا المجهود الجبار والتحليل الرائع والشامل

    Reply

  • عاشت ايدك استاذ

    Reply

  • يوم بعد يوم مصر بيصير وضعها اصعب

    Reply

  • كلام ذهب 🌹

    Reply

  • تحليل دقيق وواقعي، للاسف الوضع صار صعب في مصر. الله يكون بالعون

    Reply

  • تحليل ممتاز و كلام من ذهب

    Reply

  • بارك الله في علمك وشاكرين جهودك استاذ عبد الرحمن سيد التحليل وصاحب النظرات الثاقبة كل الاحترام

    Reply

  • عشت ابو هاني ربي يحفظك

    Reply

  • مقال رائع عاشت الايادي استاذ

    Reply

  • كلام من ذهب... و في الهدف مباشر .. استاذ عبد الرحمن الاصفر مشكور جدا استاذ على التحليل الرائع

    Reply

  • 🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥

    Reply

  • تحليل ممتاز جدا

    Reply

  • رائع

    Reply

  • رائع جدا

    Reply

  • ملك التحليل وعملاق الاقتصاد

    Reply

  • تحليل يمثل الوضع الحالي في مصر العزيزة سلمت اناملك استاذ عبد الرحمن

    Reply

  • كلام من ذهب ... عاش ايدك استاذ

    Reply

  • كلام من ذهب عاشت ايدك استاذ

    Reply

  • عاشت ايدك استاذ كلام رائع 🌹🌹

    Reply

  • كلام دقيق مشكور استاذ

    Reply

  • يعطيك الف عافية استاذ

    Reply

  • test

    Reply

إخلاء المسؤولية عن المخاطر

ينطوي تداول العملات الأجنبية ومؤشرات الأسهم والاسهم والأدوات المالية عموما على درجة عالية من المخاطرة وقد لا يكون مناسبا لجميع المتداولين والمستثمرين لذلك يجب عليك أن تفكر بعناية في أهدافك الاستثمارية ومستوى خبرتك ورغبتك في المخاطرة فاحتمالية ان تتكبد خسارة في بعض أو كل اموالك موجودة وبالتالي يجب ألا تستثمر أموالا لا يمكنك تحمل خسارتها ويجب أن تكون على دراية بجميع المخاطر المرتبطة بالتداول والاستثمار في البورصات العالمية وعلى المنصات الالكترونية ومخاطر الأسواق العالمية.

جميع الحقوق محفوظة للأكاديمية العربية للأعمال 2023